event 20 Sep 2016

MENA Region // WEF Nexus in the Arab Region: Challenges and Prospects

In Arab language. - In this interview Prof. Waleed Khalil Al-Zubari of the Arabian Gulf University (AGU) highlights the great importance of adopting the Nexus approach in the Arab region where the interrelations between the three sectors are stronger than in any other region in the world. There is an increasing demand for these resources in the Arab countries, as populations grow and consumption patterns change. At the same time, climate change has a strong effect on the already critical situation of water and food resources.

Flickr 5765700673 891606af51 o
(C) flickr / Omar Chatriwala

Summary

In most Arab countries the institutional framework for governing the elements of the Water-Energy-Food Security Nexus is fragmented, delaying the comprehensive and inclusive management of these interlinked priorities. There are a few good examples of "integrated institutions" where one integrated body is responsible for policy, planning and management of two or more sectors, e.g. in the Lebanon, where a single ministry is in charge of energy and water, or in Morocco where energy, water and environment are combined in one ministry. Hence there is a great need for reinforcing the institutional governance for adapting the nexus approach, which will require not so much major institutional restructuring, but an improvement of interactions among the relevant ruling institituions. One of the main challenges in adopting the nexus approach in the Arab region is the limited role of the private sector. There are tremendous opportunities for entrepreneurship and public private partnership, which need governmental support and incentives. There are some promising initiatives for nexus projects in the Arab region such as Sahara Wind Power Project in Morocco, renewable energy for wastewater treatment and reuse in agriculture in Jordan, solar water desalination in Saudi Arabia and the generation of energy from agricultural residues in Sudan. Finally, the Nexus approach could play a major role in mitigating climate change effects through enforcing the efficiency of natural resources usage, and consequently mitigating gases emissions, in addition to the role of shifting to renewable energies in saving primary energy and limiting carbon dioxide emissions. These trends would contribute to achieving the Sustainable Development Goals and the decisions of the World Climate Summit 2015.

ترابط المياه-الطاقة-الغذاء في المنطقة العربية: التحديات والآفاق

مقابلة مع الأستاذ الدكتور وليد الزباري

1. هل يمكنك شرح "مفهوم ترابط المياه والطاقة والغذاء" لمن لا يعرف هذا المفهوم في 3-4 جمل؟

مفهوم ترابط المياه والطاقة والغذاء يعني النظر في العلاقات المتداخلة بين هذه القطاعات الثلاث بشكل تكاملي عند إدارتها كموارد وكذلك عند توفيرها كخدمات بهدف المحافظة عليها واستدامة خدماتها؛ فلإنتاج الغذاء الكافي للأعداد المتزايدة من السكان لا بد من توفير مزيد من المياه والطاقة، ولتوفير مياه نظيفة للاستهلاك الآدمي فإن ذلك يتطلب الطاقة، كما أن إنتاج الطاقة يحتاج إلى المياه. ومفهوم الترابط يعني أن يتم تبني تفكير ونهج الترابط عند تخطيط وإدارة هذه القطاعات الحيوية الثلاث، أي تخطيطها بشكل متكامل، والأخذ في الاعتبار تأثيرات كل قطاع على الآخر والمخاطر المصاحبة لهذه القطاعات على بعضها البعض، والاستفادة من فرص التآزر فيما بينها.

2. لماذا يعتبر نهج ترابط المياه والطاقة والغذاء ذو أهمية وفوائد كبيرة بالنسبة للدول العربية؟

تشهد المنطقة العربية علاقة قوية واعتمادا متبادلا وثيقا بين هذه القطاعات الثلاث، ربما أكثر من أية منطقة أخرى في العالم، وهذه العلاقات المتشابكة بين القطاعات الثلاث تزداد حدة في المنطقة مع الوقت بسبب زيادة الطلب على الموارد مع ازدياد عدد السكان، وتغير أنماط الاستهلاك، ويضاف على ذلك انخفاض الكفاءة الادارية في جانبي الامداد والطلب في هذه القطاعات الثلاثة. كما أنه من المتوقع أن تتفاقم حدة هذه العلاقات بشكل أكبر بسبب تأثيرات ظاهرة تغير المناخ. ولذا، فإن أية محاولة لتحقيق الأمن في أي من هذه القطاعات بطريقة مستقلة وبدون الأخذ في الاعتبار المقايضات مع القطاعين الآخرين ستؤدي حتما لتعريض أمن القطاعات الثلاثة واستدامتها للخطر.

فمثلا محاولة تحقيق الأمن الغذائي من خلال الانتاج المحلي بدون الأخذ في الاعتبار محدودية الموارد المائية لن يؤدي إلى استنزاف الموارد المائية وتدهورها وخسارتها واستنزاف مصادر الطاقة فحسب، بل كذلك إلى انخفاض الانتاجية الزراعية وفي آخر الأمر تدهور القطاع الزراعي نفسه. وعليه لا بد من تقليل المقايضات بين هذه القطاعات الحيوية الثلاث وحشد نوعا من التآزر بينها لضمان استدامتها. ولذا، فأن فكر ونهج الترابط يوفر منهجا عمليا متكاملا للتعامل مع مخاطر امدادات المياه والطاقة والغذاء في آن واحد والمحافظة على استدامة الموارد.

ومن شأن تبني منهج الترابط أن يخدم الدول العربية في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية للفترة 2016-2030، وتلبية متطلبات التحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون كما نص عليها مؤتمر باريس للعام 2015 حول تغير المناخ.

3. لأي مدى تم تضمين نهج وتفكير ترابط المياه والطاقة والغذاء في المنطقة العربية؟

للأسف، نجد في غالبية الدول العربية أن السياسات العامة للمياه والطاقة والغذاء، وكذلك تلك المتعلقة بالتغير المناخي، مجزأة نتيجة تطوير كل قطاع لسياساته العامة بشكل منفصل. ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الترتيب المؤسسي لهذه القطاعات الثلاث وأسلوب حوكمتها السائدين في معظم الدول العربية.

وتاريخياً، تم إنشاء المؤسسات الحكومية والوزارات في الدول العربية بهدف تلبية احتياجات سياسية وإدارية في القطاعات التقليدية في مجالات المياه والطاقة والزراعة وكل قطاع على حده للتركيز على الاحتياجات المستقلة لكل قطاع وللحد من التعقيدات الادارية في حال الإدارات ذات الحجم الكبير.

إلا أنه يجب الإشارة كذلك إلى أن بعض الدول العربية قد قدمت نماذج مختلفة من المؤسسات المتكاملة، فعلى سبيل المثال في لبنان تعتبر وزارة الطاقة والمياه هي الجهة الحكومية الرئيسية المعنية والمسئولة عن وضع وتخطيط سياسات وإدارة قطاعي المياه والطاقة، وتربط المملكة المغربية بين الطاقة والمياه والبيئة تحت لواء وزارة الطاقة والتعدين والمياه والبيئة. ويلاحظ في هذين النموذجين غياب قطاع الغذاء في الترتيب المؤسسي، ولذلك فان الأطر المؤسسية المسئولة عن الإدارة المتكاملة والشاملة لهذه القطاعات الثلاث وعلاقات الترابط فيما بينها في الدول العربية ما زالت تحتاج للدعم والتطوير.

ولتعزيز وتقوية الحوكمة والهياكل المؤسسية في المنطقة العربية لتكون أكثر فاعلية وكفاءة لتحقيق منهج الترابط والإدارة المتكاملة للموارد هناك ضرورة لتعزيز آليات التنسيق والتعاون فيما بين الجهات المسئولة عن القطاعات الثلاث، وليس بالضرورة إنشاء مؤسسات جديدة.

4. ما هي التحديات والقيود المرتبطة بتبنّي نهج الترابط؟

كما ذكر سابقاً، قد يكون محدد أسلوب الحوكمة والترتيب المؤسسي الحاليين اللذين يتسمان بالقطاعية، من أهم المعوقات التي تمنع أو تقيد تبني نهج الترابط. ولكن هناك معوقات أخرى تتمثل أولاً في الفجوة المعرفية للترابط بين القطاعات الثلاثة في المنطقة، أي عدم كفاية المعرفة حول التقييم الكمي والتفاعلات والمقايضات والمخاطر بين القطاعات الثلاث، والتي على اساسها يتم صوغ السياسات واتخاذ القرار في عمليات التخطيط والإدارة المتكاملين بتقليل المقايضات وتبني التآزر فيما بين هذه القطاعات الثلاث.

الأمر الآخر هو في تنمية القدرات المؤسسية والبشرية في مجال الترابط، وحاليا يوجد في الدول العربية متخصصون أكفاء في مجالات المياه والطاقة والغذاء/الزراعة، وليست هناك حاجة لموظفين جدد لترابط المياه والطاقة والغذاء، وإنما المطلوب هو بناء القدرات للمتخصصين في هذه القطاعات للعمل والتعاون فيما بينهم في مجالات التخطيط والإدارة المتكاملين.

العامل الآخر الذي أرى بأنه مهم لتنفيذ فكر ونهج الترابط هو عدم كفاية مشاركة القطاع الخاص ودوره المحدود في إنشاء وتنفيذ المشاريع التقنية التي ترتكز على نهج الترابط وتستفيد منه، وبالرغم من وجود بعض المبادرات هنا وهناك في الوطن العربي فإنها ما زالت قليلة وفي مراحلها الأولى في المنطقة العربية، وتحتاج هذه المبادرات إلى الدعم وتقديم الحوافز وسن التشريعات من قبل الحكومات، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص ومراكز البحث.

وبرأيي إذا ما تم الالتفات إلى هذه الموضوعات الأربعة (الترتيب المؤسسي، الفجوة المعرفية، تنمية القدرات، دور القطاع الخاص) والتركيز عليها فإن محددات وقيود تطبيق نهج الترابط ستتراجع بشكل كبير في المنطقة العربية.

5. ما الذي يمكن أن يقوم به متخذو القرار في المنطقة العربية لمقابلة الاحتياجات المختلفة لقطاعات المياه والطاقة والأمن الغذائي؟

كما ذكر سابقاً، تتسم المنطقة العربية بالشح في موردين رئيسيين وهما المياه والأراضي الزراعية، وبرغم وفرة مصادر الطاقة في العديد من دولها، مثل دول مجلس التعاون، إلا أن استهلاك قطاع المياه للطاقة واستنزافه لها أصبح مؤخرا من الأمور المقلقة في العديد من الدول العربية. كما أنه من الواضح أنه لا يمكن تحقيق الأمن في أياً من هذه القطاعات بدون ان يكون على حساب القطاعين الآخرين. وإذا أراد متخذو القرار في المنطقة العربية مقابلة الاحتياجات المختلفة لقطاعات المياه والطاقة والأمن الغذائي، والتي هي في الواقع أهداف التنمية المستدامة من حيث توفير هذه الخدمات للمواطنين، فيتعين عليهم تبني فكر ونهج العلاقة بين المياه والطاقة والغذاء في تخطيط وإدارة هذه القطاعات الثلاثة لتقليل مخاطر الإمداد فيها وتمكين المنطقة من التقدم نحو مستويات أعلى في استخدام الموارد بكفاءة وعدالة واستدامة. كما أنه مطلوب أن يتم تحديد وتحليل الروابط والاعتمادات المتبادلة بينها وتحديد قيمتها الكمية بهدف إنشاء التآزرات فيما بينها والمقايضات العادلة بينها وتعظيم الفرص منها.

ويجب على صناع السياسات ومتخذو القرار العمل على احداث تحول جذري في سياسات القطاعات الثلاثة من إدارة العرض إلى إدارة الطلب وكفاءة الاستخدام وإلى أنماط استهلاك أكثر إنصافا وأكثر استدامة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطبيق السياسات والتشريعات والأدوات الإقتصادية المناسبة لضمان تلبية الحاجات الأساسية للإنسان من هذه الموارد الثلاثة بأسعار مدعومة ومنخفضة، وفي نفس الوقت فرض تعرفة تعكس التكلفة الحقيقية عند الاستخدام المفرط لهذه الموارد.

ولكن يبقى جزء أساسي ومكمل وبعيد المدى يجب تحقيقه لضمان استدامة الموارد وهو العمل على انشاء مجتمعات عربية تتسم بكفاءة استخدام الموارد، تثمن قيمة المياه والطاقة والغذاء، وتشارك في عمليات صنع القرار وتدير هذه الموارد بحكمة وكفاءة.

ويبقى التذكير بأن تكلفة عدم التحرك نحو نهج الترابط ستكون عالية جدا في حال استمرار النهج القطاعي في إدارة المياه والطاقة والغذاء في المنطقة العربية، وعاجلا أو آجلا ستبرز مشكلات التأثيرات الجانبية واستنزاف القطاعات لبعضها البعض، وحينذاك ستكون التكلفة باهظة جداً.

6. كيف يمكن للمؤسسات الحكومية في المنطقة العربية تنمية قدراتها لتبني منهج ترابط المياه والطاقة والغذاء؟

كما ذكر أعلاه، تتسم إمدادات المياه والطاقة والغذاء التي يمكن الاعتماد عليها في المنطقة العربية بقوة الارتباط والاعتماد المتبادل فيما بينها، ومن المتوقع زيادة حدة هذا الارتباط والاعتماد المتبادل مستقبلاً بسبب الكثير من القوى الدافعة الخارجية والداخلية، والتي من أهمها النمو السكاني وتغير أنماط الاستهلاك وتأثيرات تغير المناخ العالمي. وبناءً على ذلك، تتطلب إدارة هذه الموارد الأساسية والحيوية تخطيطاً دقيقاً لضمان أن أحد هذه القطاعات الأساسية لا يؤثر سلباً على القطاعين الآخرين. ويتطلب توفير امدادات المياه والطاقة والغذاء وجود برامج لأصحاب المصلحة المتعددين ليتسنى تطوير واستكشاف الروابط بين العلم والسياسات العامة والمجتمع، وفرص المشاركة في المعرفة وتوظيفها لتحقيق كل من أهداف التنمية المستدامة (2016-2030) والتزامات مؤتمر باريس 2015 لتغير المناخ. ويحتاج فهم هذه الروابط المتداخلة وترجمتها لحلول إلى التفكير بعمق في النظام الترابطي بين هذه القطاعات الرئيسية في المجتمعات العربية وكفاءة عالية في حل المشكلات. ولا يمكن إنشاء مثل هذه البرامج إلا ببناء وتطوير القدرات على مختلف المستويات، بما فيها المستويات المؤسساتية والأكاديمية (المعرفية) والتوعوية.

ولتبني نهج الترابط على مستوى الحكومات فأن المطلوب حاليا أمرين رئيسيين: الأمر الأول وضع برامج بناء قدرات مؤسساتية وفردية محددة على مستوى القطاعات، على أن يكون التركيز الرئيسي لهذه البرامج موجهاً نحو بناء الكفاءات في الحوار وحل النزاعات وإدارة البيانات والتحليل وفهم العلاقة الرابطة بين المياه والطاقة والغذاء على المستويات الفنية وكذلك مستويات السياسة العامة. والأمر الثاني هو بناء القدرات والتدريب على أدوات دعم القرار ونمذجة القطاعات الثلاثة والعلاقات المتداخلة بينها لتقديم التوجيه بشأن السياسات المبنية على العلم ولتعزيز التواصل والمقايضات بين القطاعات الثلاث على المستويات الحكومية المؤسسية.

7. هل الطريق قدما لتبني نهج ترابط المياه والطاقة والغذاء هو واحد في جميع أنحاء المنطقة العربية؟

بالطبع لا، والدول العربية متفاوتة بشكل كبير في هذا المجال، فهناك كما ذكر سابقاً بعض الدول التي قامت بإجراء الترتيبات المؤسساتيه لنهج الترابط، وإن كان في معظم الاحيان لقطاعين من الثلاثة قطاعات أي بشكل جزئي، فمثلاً في دول مجلس التعاون وكذلك لبنان، ونظرا لارتباط المياه بالطاقة فيها بشكل كبير، نجد أن سياسات هذين القطاعين أكثر ترابطا منها عن الدول الأخرى، ولكن تظل هذه السياسات بعيدة عن سياسات القطاع الزراعي أو قطاع الغذاء. ومن جهة أخرى نجد أنه في بعض الدول العربية الأخرى ارتباط وثيق بين سياسات قطاع المياه والغذاء/الانتاج الزراعي، ولكن بدون أي ارتباط بقطاع الطاقة رغم أنه المحرك للقطاعين الأثنين.

وعليه، ستتفاوت الخطوات المطلوبة لتبني نهج الترابط من دولة لأخرى، ولكن برأيي فأن تحليل الهيكل التنظيمي للمؤسسات الوطنية الراهنة للتعرف على مواطن الضعف ومن ثم وضع الآليات المناسبة للتنسيق والتعاون فيما بين القطاعات الثلاث لتنفيذ نهج الترابط في عملية تخطيط وإدارة هذه القطاعات هو الخطوة الأولى والأهم في هذا الطريق.

8. كيف يمكن لحكومات الدول العربية خلق فرص للقطاع الخاص لتنفيذ مشروعات تحقق نهج ترابط المياه والطاقة والغذاء؟

نظرا لطبيعة واختلاف أوضاع القطاع الخاص في الدول العربية وتفاوت طبيعة دوره في الاقتصاد الوطني بشكل كبير بين هذه الدول، نجد أن هناك تطبيق عملي متقدم للترابط من قبل القطاع الخاص في بعض الدول، بينما لا يذكر أبداً في دول أخرى. فعلى سبيل المثال نجد في بعض الدول العربية مشروعات كبيرة الحجم حول الترابط تم القيام بها بمشاركة القطاع الخاص أو بالقطاع الحكومي الذي يعمل بأنظمة القطاع الخاص، مثل مشروع صحارى لتوليد الطاقة بالرياح في المغرب، واسترجاع الطاقة من محطات الصرف الصحي بالأردن، تحلية المياه بالطاقة الشمسية بالمملكة العربية السعودية، وإنتاج الطاقة من المخلفات الزراعة في السودان، واستخدام الطاقة الشمسية في سحب المياه الجوفية بغرض الري الزراعي في مصر، واستخدام النفايات البلدية الصلبة لإنتاج الطاقة في لبنان. ومن جانب آخر نجد أن بعض الدول العربية قد بدأت في إعطاء البحث العلمي والتقنية والابتكار داخل منظومة الترابط بين المياه والغذاء والطاقة أهمية كبرى، مثل نظام الطاقة المتكاملة لمياه البحر والزراعة الذي يتم البحث فيه في الإمارات وعمان وقطر.

وتبين هذه المشاريع الرائدة الإمكانات والفوائد الهائلة في حال التسخير الكامل للتقنية والابتكار داخل منظومة الترابط بين المياه والطاقة والغذاء. وهنا يأتي دور القطاع الخاص الذي يمكنه الاستثمار في هذه التقنيات وجني الأرباح ويساهم في تكامل القطاعات الثلاث، الأمر الذي لا يعزز الكفاءة فقط، بل أيضاً يؤدي إلى توسيع قاعدة الموارد الطبيعية المتوفرة، وبالتالي تسهم بصورة أكبر في استدامة وأمن الموارد الثلاثة.

ولتشجيع القطاع الخاص وخلق الفرص له لتنفيذ مشروعات تحقق نهج ترابط المياه والطاقة والغذاء فأنه لا بد من أن تقوم الحكومات العربية بتشجيع إجراء البحوث التطبيقية في مجال ترابط المياه والطاقة والغذاء من خلال تكوين فرق بحوث إقليمية وتحالفات بحثية لتعزيز الابتكار ونقل التقنية، والعمل على رفع مستوى التبني وتعميم وتمويل المشاريع الحالية ذات العلاقة بهذا الترابط، ودعم وتقديم حوافز للشراكات الإستراتيجية والتعاون بين مراكز البحوث والقطاع الخاص.

9. كيف يمكن إقناع متخذي القرار في المنطقة العربية بأهمية وجدوى تبنًي نهج ترابط المياه والطاقة والغذاء في ظل المشاكل التي تواجهها المنطقة؟

تواجه المنطقة العربية مستقبلا يشهد انحسارا مستمرا في الموارد وتتزايد فيه المخاطر والتهديدات الناجمة عن تغير المناخ العالمي، مما يمثل تحديات جمة سيصعب على العديد من الدول العربية مواجهتها إذا لم تتخذ خطوات جذرية في التعامل مع الأسلوب الحالي لاستهلاك الموارد. وهناك قوى دافعة عديدة تزيد من حدة هذه متمثلة في معدل النمو السكاني والتحضر المتسارعين، وأنماط الاستهلاك، ونظام الدعم العام السائد، وانخفاض الكفاءة الإدارية في جانبي الإمداد والطلب، وتأثيرات تغير المناخ، وغيرها من القوى الدافعة التي تعمل في اتجاه هو عكس استدامة الموارد.

وفي المنطقة العربية يعتبر أمن المياه والطاقة والغذاء أمرا حيويا لتحقيق الاستدامة مستقبلا في العالم العربي، ولا شك أن السياسات التي ستنتهجها الدول العربية الآن للتعامل مع هذه التحديات هي التي ستحدد ملامح الطريق إلى التنمية الاجتماعية-الاقتصادية المستدامة للمنطقة في السنوات القادمة.

ولقد تضمنت أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لأجندة التنمية الدولية لما بعد 2015م قطاعات الغذاء والمياه والطاقة بشكل صريح، حيث يدعو الهدف الثاني إلى القضاء على الجوع، وتحقيق الأمن الغذائي، وتحسين التغذية، والتشجيع على الزراعة المستدامة، ويدعو الهدف السادس إلى ضمان توفر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع والإدارة المستدامة للمياه، ويدعو الهدف السابع إلى الحصول على الطاقة الحديثة بأسعار معقولة، وموثوقية، وباستدامة للجميع. بمعنى آخر، وُضعت أولوية الحصول على المياه والطاقة والغذاء بشكل مُيسّر كعناصر رئيسة لتحقيق التنمية المستدامة. كما تضمن الهدف الثالث عشر قضية تغير المناخ العالمي والتحول نحو اقتصادات منخفضة الكربون لخفض الانبعاثات الغازية والتكيف مع الظاهرة وتكررت هذه الأهداف في مؤتمر الأطراف الواحد والعشرون المنعقد في باريس عام 2015.

كل هذا يشير إلى ضرورة اتباع نهج الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والدور الهام الذي يمكن أن يلعبه هذا النهج في صياغة السياسات العامة المبنية على الإدارة المتكاملة للموارد (بدلا من القطاعية) في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وكذلك أهداف قمة التغير المناخي لعام 2015. وسوف يؤمّن نهج الترابط بين المياه والطاقة والغذاء الأساس الضروري لإعلام صناع القرار بمناطق التآزر بين سياسات المياه والطاقة والغذاء لتصب في مصلحة كافة الأطراف المعنية لتحقيق التنمية المستدامة. ويحتاج صانعو السياسات العرب إلى مراجعة إستراتيجياتهم وخططهم التنموية الحالية والمستقبلية والنظر لها من خلال عدسة الترابط بين الماء والطاقة والغذاء،

وباعتقادي أنه من خلال بيان فوائد فكر ونهج الترابط في المساهمة في استدامة خدمة وموارد هذه القطاعات الثلاث وتحقيق طموحات التنمية المستدامة للدول العربية سيزيد من اقتناع صناع القرار بأهمية تبنيه، كما أن بيان تكلفة عدم التحرك نحو نهج الترابط (التكاملي) مقارنة بتكلفة سيناريو الاعمال كالمعتاد (القطاعي) سيكون له دور كبير في هذا المجال.

10. تعتبر المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم عرضة للتأثيرات السلبية للتغير المناخي. ما هو دور نهج ترابط المياه والطاقة والغذاء في مواجهة هذه التأثيرات؟

بالرغم من مساهمتها المحدودة جداً في ظاهرة تغير المناخ العالمي من حيث الانبعاثات الغازية، فإن دراسات ونماذج المناخ تشير إلى أن المنطقة العربية تعتبر من أكثر مناطق العالم عرضة للتغير المناخي والتقلبات المناخية من الناحيتين الاقتصادية والبيئية. ويشكل تغير المناخ، الذي تدفعه بشكل رئيسي التغيرات في استخدام الطاقة واستخدامات الأراضي، تحدياً إضافياً من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم شح الموارد المائية والغذاء. وتفرض التقلبات المناخية مزيداً من الضغوط، مثل التدهور المتسارع للأراضي الجافة، وتواتر الظروف المناخية المتطرفة، وإمدادات المياه الأقل موثوقية، وكذلك الانتاجية الزراعية الأقل موثوقية. وفي الوقت نفسه تفرض تدابير التخفيف من تغير المناخ مطالب جديدة على موارد المياه وخدمات الأراضي، مثل انتاج الوقود الحيوي واصطياد الكربون وتخزينه. وغالباً ما تكون تدابير التكيف مع تغير المناخ (مثل تكثيف الري أو تحلية مياه إضافية أو زيادة سحب المياه الجوفية وتخزين المياه) كثيفة الاستهلاك للطاقة. وبالتالي يمكن للسياسات المناخية أن تؤثر في الأمن المائي والطاقوي والغذائي، ويمكن لإجراءات التكيف أن تتسم بسوء التكيف ما لم توجه بشكل جيد في مقاربة الترابط وما لم تنفذها مؤسسات مترابطة بشكل مناسب.

ومن جانب آخر، يمكن لنهج الترابط وما ينتج عنه من تعزيز في كفاءة الموارد الطبيعية وخفض الطلب عليها أن يساعد في إجراءات التخفيف والحد من الانبعاثات الغازية. فمثلا مع ترشيد كل متر مكعب من الماء في القطاع البلدي هناك توفير في التكاليف المالية والاقتصادية والبيئية التي من ضمنها الانبعاثات الغازية، وخصوصا في دول مجلس التعاون التي تعتمد على مياه المحلاة كثيفة الاستهلاك للطاقة؛ ومع تقليل الهدر في قطاعي الزراعة (رفع كفاءة الري) والغذاء (تقليل فواقد مرحلة ما بعد الحصاد والهدر الغذائي على مائدة المستهلك) فأن ذلك يؤدي إلى توفير كميات هائلة من المياه وموارد الطاقة المستخدمة في الانتاج والتوزيع والانبعاثات الغازية المصاحبة لها، وقس على ذلك.

وبالمثل في قطاع الطاقة، فأن المكاسب المحتملة من تطبيق اجراءات رفع الكفاءة أو التحول نحو المصادر المتجددة ستكون جوهرية وعالية، وستكون مصحوبة بتوفير عالي في الطاقة الأولية والاستثمارات الجديدة، بالإضافة إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وستسهم هذه الاجراءات في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومقررات قمة المناخ للعام 2015.

أ.د. وليد خليل الزباري

يشغل حاليا منصب أستاذ إدارة الموارد المائية في جامعة الخليج العربي، وإداريا منسق برنامج إدارة الموارد المائية، ومنسق مركز الأمم المتحدة التعليمي لإدارة الموارد المائية للمنطقة العربية، كما شغل د. وليد منصب نائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية (2008-2010) وعميد كلية الدراسات العليا بالجامعة (2010-2013). حاصل على درجة الماجستير في عام 1987 في مجال النمذجة الرياضية للمياه الجوفية من جامعة أوهايو والدكتوراه في عام 1990 في نفس المجال من جامعة ولاية كولورادو. منذ انضمامه للجامعة في عام 1990، يقوم بتدريس العديد من المقررات في مجال الهيدروجيولوجيا وتخطيط وإدارة وتنمية الموارد المائية في المناطق الجافة، ونشر أكثر من 90 ورقة علمية في المجلات العلمية المحكمة، والمؤتمرات والندوات، وأشرف على أكثر من 35 رسالة ماجستير ودكتوراه. تشمل اهتماماته البحثية علاقة الترابط بين المياه والطاقة والغذاء (التحديد الكمي، النمذجة، الحوكمة، التخطيط والإدارة)، حوكمة وتخطيط وإدارة الموارد المائية، واستخدام النماذج الرياضية الرقمية في تقييم وتنمية وإدارة أنظمة المياه الجوفية. قام بإعداد أو المشاركة في إعداد أكثر من 40 دراسة تعاقدية، ويتم الاستعانة به في تحكيم العديد من البحوث المقدمة للنشر بالمجلات العلمية العالمية والإقليمية، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة الخليج العربي للبحوث العلمية خلال الفترة من 2006-2010. يعمل كاستشاري للعديد من منظمات الأمم المتحدة مثل اليونسكو والاسكوا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. عضو فعال في جمعية علوم وتقنية المياه الخليجية، وترأس اللجنة العلمية للعديد من مؤتمراتها ورئاسة مجلس إدارتها. في عام 2002 حصل على جائزة أفضل باحث في مجال الموارد المائية في الوطن العربي من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو، تونس)، وفي عام 2008 نشر أول كتاب له بعنوان "قضايا وتحديات المياه في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية" الحاصل على جائزة مؤسسة يوسف بن أحمد كانو لأفضل مؤلف بحريني. للمزيد من المعلومات: www.waleedzubari.com

Prof. Waleed Khalil Al-Zubari

Prof. Al-Zubari currently holds the academic position of Professor of Water Resources Management at the Arabian Gulf University (AGU), and administratively serves as the Coordinator of the Water Resources Management Program, College of Graduate Studies. He served as AGU Vice-President for Academic Affairs (2008-2010), and the Dean of the College of Graduate Studies (2010-2013). He obtained his MSc degree in 1987 in the field of groundwater mathematical modeling from Ohio University and PhD degree in 1990 in the same field from Colorado State University, and joined AGU in 1990. Since joining AGU, he has taught many courses in Hydrogeology and Water Resources Management and Planning in Arid Regions, and has published more than 90 research papers in peer-reviewed journals, conferences, and seminars. His research interests include the Water-Energy-food security Nexus (quantifying, modeling, governance, planning and management), water resource resources governance, planning and management, use of numerical modeling in the assessment, development, and management of groundwater systems. He served as the Editor-in-Chief of the regional Arab Gulf Journal of Scientific Research (AGJSR) during the period 2006 – 2010. He serves as a consultant for many UN organizations, including UNESCO, UNEP, UNDP, ESCWA, and FAO. He has been active in the Water Science and Technology Association (WSTA), a regional water NGO in the GCC countries, and has made significant contribution to its conferences scientific committee and served as its president. In December 2002, he received the Award of Best Researcher in the Arab World in the field of Water Resources from the Arab League Educational, Cultural, and Scientific Organization (ALECSO). In March 2008, he published his first book on Water Issues and Challenges in the GCC (in Arabic), which received Yousif Bin Ahmad Kanoo Best Authors Prize. For more information: www.waleedzubari.com.

Stay up to date!

We inform you about current projects, events, actions, publications and news!